وطنية العظماء : النجم جميل راتب .. الفنان الذي ضحّى بـ«العالمية» حبا في مصر ؟

جميل راتب
جميل راتب

عندما سُئل الفنان جميل راتب عن سر حبه لمصر رغم أنه ممثل عالمي والمفروض أن كبار النجوم تتمنى أن تصل للعالمية فرد قائلا: بسبب 3 مواقف هي «مرة بعدي الشارع لقيت أتوبيس وقف ونزل منه سواقه مخصوص يسلم عليا، ومرة وأنا في مطار القاهرة لقيت عاملة نظافة سلمت علي فعزمتني على كوكولا، ومرة وأنا مريض في مستشفى خاص لقيت واحد معرفوش شغال أمن في المستشفى جاي يسلم عليا ومعاه علبة ملبس.. الحاجات دي مش ممكن تلقيها في أي حتة في العالم إلا في مصر حب الناس».

هو جميل أبو بكر راتب، من مواليد الإسكندرية عام 1926 لأب مصري وأم مصرية صعيدية وعمتها الناشطة المصرية هدى شعراوي من عائلة ارستقراطية سياسية مناضلة، بعثه والده ليدرس الحقوق في فرنسا فدرس السينما وعندما علم والده بذلك قطع عنه المنحة فاضطر للعمل مرة «شيال» ومرة «جرسون» حتى يعمل ما يحب.

كان أول مصري يصل للعالمية، فأثناء دراسته السينما في فرنسا بعد ما نصحه أندريه جيد، بعد أن رآه في العرض المسرحي «أوديب ملكا»، فكان أثناء دراسته يعمل مساعدا للإخراج مع العديد من المخرجين العالميين في ذلك الوقت مثل ألفريد هيشكوك، وسيسيل دي ميل، وأدى أيضًا أدوار ثانوية في أفلام عالمية كبيرة مع هؤلاء المخرجين وأيضا عمل معهم ريجيسير ومساعد كاميرا ومصور، فكان يتواجد في بلاتوهات السينما العالمية كأحد أفراد البلاتوه.

عاد جميل راتب إلى القاهرة عام 1951 لفترة مؤقتة بترشيح من سليمان بك نجيب، خال والدته الذي قدم معه مسرحية «الوريث»، ثم عاد لفرنسا ثانية ليبدع في أعمال عالمية شارك فيها وكون مع أصدقائه الفنانين الفرنسيين فرقة مسرحية وقدم عددا من المسرحيات على الكوميدي فرانسيز، وشارك في دور صغير في فيلم «لورانس العرب»، أمام أنطوني كوين، و عمر الشريف.

كان جميل راتب، عكس أي فنان تستهويه العالمية فسئم من الثقافة الأمريكية خاصة أنه كان يشعر بالاضطهاد كونه عربي مصري مسلم فجاء إلى مصر بدعوة من صديقه الفنان كرم مطاوع، ليقدم عرضا مسرحيا من إخراجه عام 1974 ويراه المخرج صلاح أبو سيف، ليسند إليه دور محوري في فيلم «الكداب»، أمام محمود ياسين.

أفلام جميل راتب

وتوالت بل انهالت عليه العروض بشكل كبير وأدوار كلها جيدة فقدم في هذه الفترة أفلام «الصعود إلى الهاوية، شفيقة ومتولي، ولا عزاء للسيدات، كيدهن عظيم، خائفة من شئ ما»، ثم أصبح اسمه مقترن بالنجاح السينمائي المؤدى في أفلام أهمها «الوداع يا بونابرت، الكيف، حب في الزنزانة، البرئ، طيور الظلام».

ويعد أهم أدوراه في فيلم «البداية» عام 1986 الذي يعد بطولته المطلقة رغم وجود أحمد زكي كنجم الفيلم ثم فيلم «قاهر الزمن» مع المخرج كمال الشيخ، والذي يعد أول فيلم مصري خيال علمي وبرغم وجود نور الشريف كنجم الفيلم إلا أن بطل الفيلم الحقيقي هو جميل راتب.

مسلسلات الفنان جميل راتب

تميز جميل راتب، بنجاحه الكبير في مجال الدراما التليفزيونية أيضا فقدم الكوميديا مع محمد صبحي، في أعمال «رحلة المليون، وسنبل بعد المليون»، وظل مع «صبحي» قاسما مشتركا في العديد من أعماله منها «يوميات ونيس»، بأجزائها الخمس، ويظل مسلسل «الراية البيضاء»، أحد أهم أعماله التليفزيونية على الإطلاق حيث جسد الصراع بين الثقافة والإسفاف من خلال شخصية الدكتور مفيد أبو الغار، مع فضة المعداوي، التي جسدتها القديرة سناء جميل.

إلى جانب مسلسلات «أحلام الفتي الطاير، وقال البحر، ضمير أبلة حكمت، وجه القمر، غدا تتفتح الزهور»، ومسلسله الأهم دور إبليس الذي قام بتجسيده في مسلسل «الكعبة المشرفة» عام 1988، حتى أن الأزهر الشريف كرمه بهذا الدور الذي لفت أنظار الناس له رغم أنه مسلسل ديني واللغة العربية الفصحى وغير معروض في شهر رمضان المبارك فحاز نجاح غير متوقع وبالفعل منحه الأزهر الشريف شهادة تقدير لدوره البارز في تسليط الضوء على أفعال الشيطان التي تغوي البشر من وحي قصص الأنبياء.

ونال العديد من الجوائز الفنية من مختلف بلدان العالم سواء عن أدواره في السينما المصرية والفرنسية إلى جانب مشاركته في أفلام تونسية مشتركة مع فرنسا، ونال جائزة من الرئيس السادات عن دوره في فيلم «الصعود إلى الهاوية»، وكان السادات لا يعرفه وعند تسليمه الجائزة له ظن أنه ليس مصريا حتى أظهر له بطاقته الشخصية وجواز سفره حيث أثار دهشة الحضور من الفنانين وكبار رجال الدولة ثم أصبح فيما بعد صديقا للسادات.

تزوج من فرنسية زواجا غربيا بحت أحبها وأحبته وظلت هي في فرنسا وهو في مصر حتى تم الانفصال بينهما دون إنجاب، وفي حوار لجميل راتب، سُأل لماذا تحب مصر وتفضل البقاء فيها رغم أنك ممثل عالمي تستطيع أن تمثل في أي مكان في العالم؟ قال: عاش عمرا طويلا يودع فيه كل من أحبهم، إلى أن توفاه الله، 19 سبتمبر 2018 عن عمر ناهز الـ 92 عاما.

اقرأ أيضاَ :